اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 35
المخرج من الأدنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ وأعلى المنزل من الأعلى وبالجملة انا استحى من الله بسؤال ما سألتم وإنجاح ما املتم اهْبِطُوا وانزلوا مِصْراً ارض العمالقة وديار الفراعنة فَإِنَّ لَكُمْ فيه ما سَأَلْتُمْ بالكد والفلاحة وانواع التعب والعنا وَبعد ما أذلوا نفوسهم بطلب الأشياء الدنية الخسيسة ضُرِبَتْ اى قد غلبت وختمت عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ لخباثة نفوسهم وقساوة قلوبهم وتمكن النفاق في جبلتهم لذلك ما ترى يهوديا الا ذليلا في نفسه خبيثا في معاشه وَضربت عليهم ايضا الْمَسْكَنَةُ والهوان المذموم المتفرع على الذلة المتفرعة على الدناءة والخباثة وَبعد ما قد ضربت عليهم الذلة باؤُ وصاروا مقارنين بِغَضَبٍ نازل مِنَ اللَّهِ المطلع على سرائرهم وضمائرهم ذلِكَ اى السبب الموجب لنزول الغضب بِأَنَّهُمْ كانُوا من خبث طينتهم وشدة نفاقهم وضغينتهم يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ونعمه النازلة عليهم عطاء وامتنانا وَلا يقتصرون على كفران النعم فقط بل يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ المنبئين لهم معالم دينهم الناهين لهم عن قبح صنيعهم بِغَيْرِ الْحَقِّ الذي ظهر عندهم من الجنايات الموجبة للقتل بل ما ذلِكَ الكفر والقتل الا بِما عَصَوْا عصيانا فاحشا على الله وعلى خلص عباده وَكانُوا في العصيان والفسوق يَعْتَدُونَ ويتجاوزون عن حدود الله عنادا واستكبارا ثم لما بالغوا في الاعراض عن الله والتجاوز عن حدوده وكفران نعمه وصاروا من نهاية افراطهم وتفريطهم مظنة ان لا يرجى منهم الفلاح والفوز بالنجاح أصلا تقاعد موسى صلوات الله عليه وسلامه عن تبليغهم وايس عن اهتدائهم بالمرة
ثم أشار سبحانه الى ان منهم ومن أمثالهم من ذوى الأديان والملل من يهتدى الى الحق ويتوجه الى طريق مستقيم فقال إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بدين محمد صلّى الله عليه وسلّم وَالَّذِينَ هادُوا وانقادوا بدين موسى عليه السّلام وَالنَّصارى الذين قد آمنوا بدين عيسى عليه السّلام وَالصَّابِئِينَ وهم الذين تدينوا بدين نوح عليه السّلام مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يعنى أيقن بوحدانية الله وأقر باستقلاله في ربوبيته واعترف وعرف ان لا موجود الا الله الواحد الأحد الفرد الصمد ومع ذلك صدق واعترف بيوم الجزاء وَعَمِلَ عملا صالِحاً موافقا لما امر خالصا لوجه الله مخلصا فيه فَلَهُمْ فيه أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ الذي يوفقهم على التوحيد والإخلاص وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ من العقاب والعذاب وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ عن سوء المنقلب والمآب
وَاذكروا ايضا إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ اى قد طلبنا منكم العهد الوثيق بان تتبعوا موسى وتمتثلوا بأوامر كتابه وتجتنبوا عن نواهيه فامتنعتم عن متابعته وأبيتم عن انقياده مستثقلين أنتم ما في كتابه من الأوامر والنواهي فألجأناكم اليه بان أمرنا جبرائيل عليه السّلام بقلع جبل طور من مكانه وَبعد ما قلعه رَفَعْنا بتوفيقنا إياه فَوْقَكُمُ الطُّورَ معلقا عليكم وقلنا لكم حينئذ ملجأ خُذُوا جميع ما آتَيْناكُمْ من الدين والكتاب بِقُوَّةٍ جد كامل واجتهاد تام وَاذْكُرُوا جميع ما فِيهِ على التفصيل لنفوسكم وان لم تأخذوا وتذكروا نسقط عليكم الجبل فنستأصلكم فعهدتم ملجئين خوفا من سقوطه وانما فعلنا ذلك بكم لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ يعنى لكي تحذروا عن مقتضى قهرنا وانتقامنا
ثُمَّ لما أمهلناكم زمانا قد تَوَلَّيْتُمْ وأعرضتم عن العهد مِنْ بَعْدِ ما قد أزلنا عنكم ذلِكَ الخوف والرعب وبالجملة أنتم في جبلتكم قوم ظالمون مجاوزون عن الحدود والعهود الإلهية مجبولون على الظلم والعدوان فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بارادة ايمانكم وصلاحكم وَرَحْمَتُهُ الواسعة الشاملة لكم بإرسال الرسل وإنزال الكتب لَكُنْتُمْ في
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 35